كتبت: داليا خالد
بينما تلجأ العديد من الأمهات للأطعمة المعلبة كخيار سهل وسريع لإطعام أطفالهن، يختبئ خلف هذه العبوات خطر قد لا يدركه الكثيرون. فالمواد الكيميائية المستخدمة في تصنيع وتغليف هذه الأطعمة قد تتسلل إلى الطعام، مما يؤدي إلى تأثيرات صحية خفية تتراكم بمرور الوقت. وبينما تبدو هذه الوجبات حلاً عملياً لضغوط الحياة اليومية، فإن ثمن هذه السهولة قد يكون على حساب صحة الأطفال.
في هذا التقرير نستعرض هذا الخطر وآراء الأطباء فيه ونوضح كيف يمكن تقليله.
مواد كيميائية تهدد التوازن الهرموني
يوضح الدكتور محمد صلاح، طبيب غدد صماء، أن المواد الكيميائية الأكثر شيوعاً في البلاستيك المستخدم في الأطعمة المعلبة هي البيسفينول أ (BPA) والفثالات. BPA يستخدم في بطانة العبوات المعدنية والبلاستيكية لتوفير حماية للأطعمة، بينما الفثالات تُضاف للبلاستيك لجعله أكثر مرونة. وهذه المواد تُعرف بأنها “معطلات الغدد الصماء” ما يعني أنها تتداخل مع هرمونات الجسم وتؤدي إلى اختلال في التوازن الهرموني لدى الأطفال.
الأطعمة المعلبة والاضطرابات الهرمونية
يتابع د. صلاح أن العلامات الشائعة لهذا التأثير تشمل اضطرابات في النمو، زيادة الوزن، البلوغ المبكر، واضطرابات السلوك. ومن جانبه، يضيف الدكتور عصام وسيلي، طبيب أطفال، أنه يشاهد حالات لأطفال يعانون من اضطرابات هرمونية غير مبررة، مثل البلوغ المبكر لدى الفتيات وتأخر النمو عند الذكور، موكداً أن النقاش مع العائلات كشف عن اعتمادهم على الأطعمة المعلبة. كما شاركت السيدة ريم تجربتها مع ابنها آدم، حيث لاحظت زيادة في الوزن وصعوبة في التركيز بعد الاعتماد على الأطعمة المعلبة لسهولة تحضيرها.
هل الرقابة كافية لحماية أطفالنا من خطر البلاستيك في الغذاء؟
يشير د.محمد الصاوي، أخصائي سلامة غذاء أن الهيئات الرقابية مثل هيئة سلامة الغذاء تجري فحوصات دورية على الأطعمة المعلبة للتحقق من أن مستويات المواد الكيميائية ضمن الحدود المسموح بها. وفي حالة تجاوز المستويات المسموح بها يتم سحب المنتج من السوق، وتحذير المصنعين، وفرض عقوبات قانونية وفقاً للقوانين المحلية.
كما يضيف أن الهيئات الرقابية مثل هيئة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) تحدد مستويات آمنة لكل مادة، لكن حتى هذه الحدود الآمنة قد تشكل خطراً على الأطفال نظراً لحساسية أجسامهم. فالحل هو ضرورة وعي الأهل بالقراءة وفهم المكونات الكيميائية الموجودة في الأطعمة والتعامل بحذر.
في مواجهة هذا الواقع، يبقى دور الأهل أساسياً في حماية صحة أطفالهم، من خلال تقليل الاعتماد على الأطعمة المعلبة، والحرص على توفير خيارات غذائية طازجة وصحية. كما أن قراءة وفهم محتويات العبوات والابتعاد عن المنتجات ذات المكونات المشبوهة يمكن أن يكون الخطوة الأولى نحو تقليل المخاطر. ويبقى الأمل على جهود الرقابة لتطبيق معايير صارمة تضمن سلامة المنتجات الغذائية التي تصل إلى موائدنا.