خمس مشاعر في عقل واحد … ماذا يحدث حين يتكلم الحزن؟

كتبت مروة ناصر
Inside Out… كيف يشرح الكرتون مشاعر الأطفال حين تعجز الكلمات؟
هل يمكن لفيلم كرتوني أن يشرح للأطفال ما يصعب على الكلمات أحيانًا التعبير عنه؟ فيلم Inside Out من إنتاج “بيكسار” يجيب على هذا السؤال بثقة، حيث يأخذنا في رحلة داخل عقل طفلة في الحادية عشرة من عمرها، ليكشف كيف تتشكل مشاعرنا ولماذا لا يجب الخوف من الحزن أو تجاهل القلق.
تدور قصة الفيلم حول “رايلي”، الطفلة التي تنتقل مع أسرتها إلى مدينة جديدة، ما يشكل نقطة تحوّل كبرى في حياتها، ويفتح الباب أمام اضطرابات داخلية تبدأ بالتكوّن في عقلها. داخل هذا العالم الذهني، تتجسد خمس مشاعر رئيسية: الفرح، الحزن، الخوف، الغضب، والاشمئزاز. ولا تظهر هذه المشاعر كشخصيات كرتونية فقط، بل كرموز نفسية عميقة تعكس الصراع الداخلي الذي يمر به أي طفل في مواجهة التغيير.
ما يميز الفيلم هو بساطته الظاهرة وعمقه الباطن. فشخصية “فرح” تحاول طوال الوقت أن تُبقي رايلي سعيدة، معتقدة أن الفرح هو الحل لكل شيء. لكن مع تطور الأحداث، يتضح أن “الحزن” ليس مشاعر سلبية فحسب، بل هو وسيلة للتعبير عن الألم وطلب الدعم والاعتراف بأن هناك ما ليس على ما يرام.
من أكثر مشاهد الفيلم تأثيرًا، ذلك الذي تعترف فيه رايلي بحزنها، لتتمكن للمرة الأولى من تجاوزه. وهنا تكمن الرسالة: كل مشاعرنا ضرورية، ولكل منها وظيفة، حتى الحزن والخوف.
Inside Out ليس مجرد فيلم ترفيهي. إنه عمل تربوي ونفسي يساعد الأطفال على التعرف على مشاعرهم، تسميتها، وفهم كيفية التعامل معها. وفي عالم مزدحم بالمؤثرات البصرية والضغوط النفسية، يبدو هذا الفهم ضرورة لا ترفًا.
وليست بيكسار وحدها من تسلك هذا النهج. فقد تناولت أفلام مثل Coco موضوع الموت والحنين من خلال عالم الأرواح، وFinding Dory تجربة القلق والتشتت لدى الطفل المختلف، بينما تناول Turning Red فترة البلوغ والضغوط العائلية. تسهم هذه الأفلام مجتمعة في بناء “اللغة العاطفية” لدى الطفل، وتساعده على استيعاب مفاهيم معقدة مثل القلق، الخوف، الفقد، والحزن.
إن قوة أفلام الكرتون الحديثة لا تكمن فقط في صورها الجذابة أو موسيقاها المؤثرة، بل في قدرتها على النفاذ إلى أعماق الطفل، ومساعدته على طرح أسئلته الكبرى. ومع المشاهدة الواعية، ووجود راشد داعم يفتح باب الحوار بعد الفيلم، يمكن لتجربة المشاهدة أن تتحول إلى فرصة حقيقية لفهم الذات وبناء الثقة.