احتواء

ما بين الواقع والدراما ” لام شمسية” ليس مجرد مسلسل

كتبت: انعام ناصر، مروة ناصر، هنا أسامة
رغم كل ما نسمعه عن أهمية حماية الطفل، لا تزال جريمة
التحرش الجن ي س بالأطفال محاطة بسياج من الصمت والإنكار
المجتم ي ع. كث ي من الأها ي ل يظنون أن هذا الخطر بعيد عنهم، وأن
ي محيط “آمن”. لكن الحقيقة أن
مأمن لمجرد أنهم ن ف ي
أبناءهم ن ف
ي أماكن مألوفة، وأحيانًا على يد
أك ر ي حالات التحرش تحدث ن ف
أشخاص محل ثقة .
لذا نسلّط الضوء على غياب الو ي ع الذي يجعل الأطفال أك ر ي
عرضة للاستغلال، وعلى أهمية التوعية الأسرية كخط الدفاع
ي علم النفس وال ر يبية،
الأول. من خلال شهادات أمهات، وخرياء ن ف
نكشف المؤ ر سرات ال ر ي ت قد تدل على تعرض الطفل للتحرش،
ونستعرض سبل الوقاية والتعامل السليم عند وقوع الجريمة .
ولأن الدراما مرآة الواقع، فإن مسلسل “تحت الوصاية )لام
شمسية(” كان نموذجًا فنيًا مؤثرًا يُظهر حجم التحديات ال ر ي ت
ي سبيل حماية أطفالها، ويؤكد أن الو ي ع والحب هما
تواجهها الأم ن ف
ي وجه كل خط ر
السلاح الأقوى ن ف
الجهل بجريمة التحرش بالأطفال يؤدي إل فشل الوقاية :
يُعد التحرش بالأطفال من أخطر الجرائم ال ر ي ت تهدد الأمان النف ي س
والجسدي للطفل. وعلى الرغم من حساسية الموضوع، إلا أنه
أك ر ي شيوعًا مما نتصور. فكث ي من الأطفال يتعرضون للتحرش
ي المدارس، أو ح ر ت ع ري الإن ر ينت، ومع ذلك يب ر ق
داخل البيوت، ن ف
ا أ
ً
الصمت هو السائد؛ إما خوف و لعدم و ي ع الطفل بما يتعرض له .
ي مسلسل “تحت
وقد ألقت الدراما الضوء على هذه القضية ن ف
الوصاية )لام شمسية(”، حيث عكست الأحداث الصراع ب ن ي
الأمومة والحماية، وب ن ي الجهل المجتم ي ع والخطر المحدق
بالأطفال، وهو ما يتقاطع بشكل كب ي مع الواقع.
الطفل ليس مذنبً ا
توضح د. شيماء ع ي لى، مدربة سلوك الأطفال واستشارية الصحة
النفسية، أن هناك مؤ ر سرات نفسية وسلوكية قد تدل على تعرض
ي السلوك )كالانطواء أو
الطفل للتحرش، منها: التغ ي المفا ر ئ ج ن ف
العصبية أو الخوف غ ي الم رير(، أو التعلق الزائد بالأم. كذلك،
الخوف من أشخاص أو أماكن معينة كان الطفل لا يخشاها سابقًا،
وصعوبات النوم أو التبول اللاإرادي، أو وجود إصابات جسدية غ ي
م ريرة.
وتأكد د. شيماء على ن ضورة الإصغاء للطفل دون إصدار الأحكام،
وجعل الطفل يشعر بالأمان، والأهم من ذلك، أن يدرك أنه ليس
المذنب. كما أكدت أن الدعم النف ي س والتواصل مع أخصائي ن ي أمر
ي تجاوز هذه الأزمة.
بالغ الأهمية ن ف
وتدعو الأمهات إل كسر حاجز الخجل، والحديث الصري ح مع
الأطفال عن أجسادهم، وحدودها، ومع ن ت “السر الخط ي” مقابل
“السر الآمن”، وأهمية أن يخري الطفل أمه بكل ما يشعر به دون
خوف.
و ي ع الأمهات هو خط الدفاع الأول:
تقول الأستاذة جهاد علاء، مدرسة تربية اجتماعية بمدرسة العبور
بسوهاج، إن المسؤولية تبدأ من الأسرة، إذ لا يقتصر الأمان على
المكان، بل هو شعور يُب ن ت داخل الطفل ع ري ال ر يبية الواعية.
ي الأقارب أو ترك الطفل دون رقابة ح ر ت
وتحذر من الثقة العمياء ن ف
مع الهاتف المحمول .
ي بيته، ويشعر بأنه
ن ف ي
وتضيف أن الطفل الذي يح ن ظ بأمان عاط ن ق
مسموع ومح ي م، يصبح أقل عرضة للتحرش. كما أن فقدان
ي داخل الأسرة قد يدفع الطفل للبحث عنه
التواصل العاط ن ق
خارجيًا، مما يجعله أك ر ي عرضة للاستغلال.
“أنا أم… ومسؤولي ر ي ت التوعية”
تحكي رضا ناصر، وهي أم، عن تجربتها مع تربية أطفالها بطريقة
تُمكنهم من حماية أنفسهم، “كنت أطلب من أطفالي أن يسلموا على
الأقارب أو أن يعانقوا احدا، لكنني أدرك ت أن ذلك تصرف خاطئ.
الآن، إذا لم يكن ابني مرتاحًا، لا أُجبره على شيء. علّمته أن جسده
ملك له، وأنه إذا لمسه أحد بطريقة تزعجه، فعليه أن يخبرني فورًا” .
تستخدم رضا أسلوب التمثيل التفاع ي لى ع ري اللعب والعرائس
لتعليم أطفالها التفرقة ب ن ي التصرفات الصحيحة والخاطئة، مؤكدة
أن الحديث عن التحرش لا يجب أن يُؤجل ح ر ت يك ري الطفل، بل
يجب أن يبدأ مبكرًا بطريقة تتناسب مع سنّه.
ي أساس الحماي ة
التواصل العاط ن ق
يؤكد د. صلاح الجندي، استشاري الطب النف ي س والإدمان، أن
العلاقة العاطفية ب ن ي الطفل ووالديه ي ه رك ن ية بناء وعيه النف ي س.
ويش ي إل أن كث يًا من الأطفال لا يطلبون المساعدة من أهلهم
ي ”.
لأنهم ببساطة لا يشعرون بوجود “احتواء عاط ن ق
ويحذر من أن المتحرش غالبًا لا يبدأ بالإيذاء المبا ر سر، بل يُظهر
حاجة الطفل إل
ا
للطفل اهتمامًا زائفًا يغ ي ظ به نواياه، مستغلً
الحب والاهتمام. وعندما لا يم ن ي الطفل ب ن ي الحب الص ي ح
ي فخ التعلق بالمؤذي .
والاستغلال، يقع ن ف
ولهذا، يو ي ص د. صلاح الآباء بما ي ي لى:
بناء علاقة حقيقية وعاطفية مع الطفل، وليس فقط مادية .
فتح حوارات يومية مع الطفل عن مشاعره.
تعليم الطفل أن هناك من يستغلون العاطفة لأذى الآخرين.
تشجيع الطفل على الحديث وعدم الخوف من العقاب.
توف ي بيئة آمنة يشعر فيها الطفل بالحماية والانتماء.
التحرش ليس لحظة عابرة، بل جرح طويل الأمد.
ي
التحرش بالأطفال جريمة ليست عابرة، بل ت ر يك ندوبًا عميقة ن ف
النفس تستمر مدى الحياة. وما جسّده مسلسل “تحت الوصاية”
من أهمية وجود الأم الواعية والحاضنة، يعكس الحاجة الحقيقية
لتمك ن ي الأمهات معرفيًا وعاطفيًا لحماية أطفالهن.
آمنًا وواعيًا
ا
بالصمت تب ر ق الجريمة مستمرة، وبالو ي ع نصنع جيلً
بذاته وحدوده.
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى