خطوه بخطوة

نجاح دول عربيه في إنقاذ طفل الـ28 إسبوعاً.. هل تستطيع مصر تحقيق ذلك قريبا؟

كتبت: داليا خالد 

في مستشفى الولادة بكربلاء، تم إنقاذ طفل وُلد في الأسبوع 28 بوزن 770 جراماً  إنجاز طبي يعكس ما باتت تملكه بعض المؤسسات الصحية العربية من تجهيزات حديثة وخبرات متقدمة في رعاية الأطفال الخدّج بدءاً من الأسبوع 24.

هذا الإنجاز يسلط الضوء على تحدٍ ما زالت تواجهه بعض المستشفيات في مصر، حيث تُركز جهود الإنقاذ غالباً على الأطفال المولودين من الأسبوع 32 فما فوق، نتيجةً لتفاوت الإمكانيات بين المستشفيات، وتحديداً في ما يخص الحضانات المجهزة وأجهزة التنفس الصناعي الدقيقة.

فهل ستتمكن مصر قريباً من مواكبة هذا التقدم الطبي لإنقاذ الأطفال الخدّج في عمر مبكر؟

رحلة النجاة الصعبة في مصر: تحديات ومحاولات تطوير

وفقًا للدكتور صفوت حجازي، استشاري طب الأطفال وحديثي الولادة وزميل كلية الأطباء الملكية بإنجلترا أن الطفل الخديج هو أي طفل يولد قبل الأسبوع 37 وكلما وُلد الطفل مبكراً زادت المضاعفات. أهم التحديات التي يواجهها الطفل هي عدم اكتمال الرئة إذ إن الرئة في الرحم لا تعمل كجهاز تنفس كما تكون بعد الولادة بل تستمر في النضج وعندما يولد الطفل مبكراً تكون غير مكتملة. فيتم الإعتماد على حقن تُعطى للأم قبل الولادة لتحفيز نضج الرئة وأخرى تُعطى للطفل بعد الولادة لدعم التنفس.

ويضيف الدكتور صفوت أن الطفل يواجه مشاكل تنظيم الحرارة وضعف المناعة وصعوبات في الرضاعة لأن الطفل لا يستطيع المص والبلع والتنفس في آن واحد. ورغم وجود عدد من المستشفيات المصرية التي بدأت بالفعل في تطوير وحدات العناية المركزة لحديثي الولادة، فإن التحديات لا تزال قائمة، خاصة في المناطق ذات الإمكانيات المحدودة.

 

نماذج طبية من مصر ودول عربية أخرى

في العراق، تمكن الأطباء في مستشفى الولادة بكربلاء من إنقاذ طفل وُلد في الأسبوع 28 واستمر في العناية المركزة حتى وصل وزنه إلى 1.600 كجم قبل خروجه بصحة جيدة.

على جانب آخر ،في مستشفى العائلة المقدسة بلبنان تم إنقاذ طفل وُلد في الأسبوع 28 وكان يعاني من تجمع سوائل خطير حول القلب حيث تمكن الأطباء من التدخل السريع وإنقاذ حياته.

أما في مصر، وفقاً للدكتورة جيهان شبل، استشاري أمراض النساء والتوليد والعقم أن هناك تفاوتاً بين المستشفيات من حيث القدرة على إنقاذ الأطفال الخدج، إذ تتمكن بعض المستشفيات الكبرى من استقبال حالات معقدة، بينما لا تتوفر تلك الإمكانيات في مؤسسات أخرى

وأن الفرق بين مستشفى عادي ومستشفى مجهز هو الفرق بين الحياة والموت لهؤلاء الأطفال.

والدة الطفلة ليلى، التي وُلدت خديجة تحكي عن معاناتها بعد ولادة طفلتها في مصر:  ابنتي بقيت في الحضانة 97 يوماً وعندما خرجت كانت تزن كيلو ونصف فقط. كنت أتعامل معها بحذر شديد، وأجريت لها فحص قاع العين خوفاً من أي مضاعفات. هي الآن ليست مثل الأطفال في سنها لكنها ستكون بخير، ويكفي أنها في حضني.

أما والدة الطفلة ملاك، فتسرد قصة أكثر قسوة :

ملاك وُلدت في الأسبوع 26 وبقيت في الحضّانة شهرين ونصف. الأكسجين أنقذ حياتها لكنه للأسف أثر على عينيها اكتشفت لاحقاً أن ابنتي لا تبصر.

هذه التجارب، ورغم ألمها، تبرز أيضاً أن هناك أطباء يبذلون جهوداً جبّارة لإنقاذ أرواح هؤلاء الأطفال، في ظل ظروف صعبة وإمكانيات قد لا تكون كافية في كل مكان.

 

كيف يمكن تحسين الوضع؟

يشير الدكتور صفوت حجازي إلى أن تحسين الأوضاع يتطلب:

– زيادة عدد الحضّانات المتخصصة في مصر.

-توفير برامج تدريبية متطورة للأطباء والممرضين.

-تطوير أجهزة العناية المركزة لحديثي الولادة.

وتؤكد الدكتورة جيهان شبل على أهمية التوعية بين الأمهات حول عوامل الخطر للولادة المبكرة، قائلة:

الوقاية تبدأ من الرعاية الجيدة خلال الحمل و مع وجود احتمال ولادة مبكرة يجب أن تكون هناك تعاون بين الأم ، الطبيب والعائلة وخطة واضحة لاستقبال الطفل في بيئة طبية مجهزة والراحة التامة أيضاً مهمة.

في السنوات الأخيرة، بدأت مصر تتخذ خطوات فعلية لتقليل فجوة الرعاية بين مؤسساتها الصحية ودول أخرى. وهناك مبادرات لزيادة الحضانات وتوفير الأجهزة الحديثة، ورفع كفاءة الفرق الطبية ولكن الطريق لا يزال طويلاً.

ومع هذه الجهود المستمرة، يبقى الأمل معقوداً على أن تصل مصر قريباً إلى مرحلة تستطيع فيها إنقاذ طفل وُلد في الأسبوع 28 تماماً كما يحدث اليوم في مستشفى الولادة بكربلاء.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى