كتبت: داليا خالد
في كل بيت هناك طفل لا يستطيع مقاومة قطعة الحلوى وأم لا تنجح دائماً في قول “لا”. وبينما ترتبط الحلويات بأجواء الفرح والمكافآت هناك في المقابل تساؤلات متكررة خاصةً من الأمهات: هل السكر يسبب فرط النشاط؟ لماذا يفقد طفلي تركيزه بعد تناول الحلويات؟ هل يُمكن أن يكون السكر سبباً في العدوانية أو التشتت الدراسي؟
لذلك نستعرض ما يقوله الأطباء، وما تحكيه الأمهات، وما تكشفه الدراسات العلمية عن أثر السكر على سلوك وتركيز الأطفال.
طاقة مزيفة وسلوك متقلب
توضح د.إيمان البابلي ، طبيبة تغذية أطفال، أن الإفراط في تناول السكريات يؤثر على كيمياء الدماغ وعلى توازن طاقة الطفل، حيث يؤدي إلى ارتفاع سريع في سكر الدم يتبعه انخفاض حاد وهو ما يتسبب في نوبات من التعب أو فرط الحركة.
وتضيف د.إيمان أن الكمية اليومية الموصى بها للأطفال لا يجب أن تتجاوز 6 ملاعق صغيرة وتحذر من خطورة العصائر الصناعية والمشروبات الغازية باعتبارها من أشهر مصادر السكر الخفي.
وتشير إلى أن السكر لا يوجد فقط في الحلوى التقليدية بل يختبئ في منتجات كثيرة قد تبدو صحية مثل : الزبادي بالنكهات، رقائق الإفطار، صلصة الكاتشب، ومعلبات العصير. وتؤكد أن على الأهل قراءة العبوات جيداً والانتباه للمصطلحات التي تستخدم بديلاً عن كلمة “سكر” مثل: شراب الجلوكوز أو السكريات المضافة.
ومن الناحية النفسية، تؤكد د. سارة مصطفى، استشارية الصحة النفسية للأطفال، أن السكر لا يسبب اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه (ADHD)، لكنه قد يزيد من حدته. كما يؤدي إلى تقلبات في الحالة المزاجية وزيادة السلوك الانفعالي أو العدواني لدى بعض الأطفال.
وتشير إلى أن معظم الأطفال الذين يستهلكون كميات كبيرة من الحلويات يظهر عليهم نشاط مفرط يتبعه سلوكيات متقلبة وتوضح أن تقليل السكر ساعد في تحسن سلوك بعض الحالات التي تابعتها في العيادة.
مكافأة تُعلم الإدمان
وتحذر د. سارة من ربط السكر بالمكافأة مؤكدة أن تقديم الحلوى كمقابل للسلوك الجيد أو النجاح الدراسي يرسخ عند الطفل فكرة أن الأكل مرتبط بالعاطفة مما يزيد من التعلق النفسي به ويزيد صعوبة محاولة تقليله.
تقول مريم والدة لطفل في الصف الأول الابتدائي، أنها كانت تلاحظ أن ابنها يصرخ ويتقلب في مزاجه بعد الشوكولاتة والعصائر الجاهزة.
وتضيف أنها قررت تقليل جرعة السكر التي يأخذها ابنها لنصف الكمية أيام المدرسة، وأصبح تركيزه في الواجبات أفضل بكثير، وقلّت نوبات العصبية لديه.
قد تبدو تجربة بسيطة لكنها تتوافق مع نصائح الأطباء، وتؤكد أهمية دور الأهل في مراقبة الأثر السلوكي للغذاء اليومي على أطفالهم.
السكر له تأثير المنبهات
تظهر دراسة من جامعة “ييل” الأمريكية أن السكر يؤثر على مستقبلات الدوبامين في الدماغ، مما يجعله محفزاً للسلوك والمزاج أشبه بالمواد المنبهة.
بينما تشير (منظمة الصحة العالمية) إلى أن تقليل السكر لا يحمي فقط من السمنة وتسوس الأسنان ، بل يعتبر أحد مفاتيح الصحة النفسية والسلوكية للأطفال.
كذلك توصي (الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال) بالامتناع التام عن السكر لمن هم أقل من العامين والحد من استهلاكه لمن هم أكبر من ذلك.
مع ذلك، لا تحرمي طفلك لكن راقبي التوازن ،فالسكر ليس عدواً بشكل كامل لكنه يحتاج إلى توازن وحكمة في التقديم. التحدي الأكبر ليس فقط في تقليل الحلوى، بل في تغيير مفهوم المكافأة والمزاج الغذائي داخل البيت.
وبينما تملأ الحلوى المغرية الأسواق يبقى السؤال الأهم للأهل: هل نطعم أطفالنا ما يحبون أم ما يحتاجون؟