حساسية الألبان عند الأطفال ..هل تم تشخصيها بشكل دقيق ؟ وما الذي جعل الموضوع اكثر انتشارا ؟

كتبت: محمد النجار، هنا اسامة
في السنوات الأخيرة، شهدت حالات تشخيص حساسية الألبان بين الأطفال ازديادًا ملحوظًا. وعلى الرغم من أن ارتفاع مستوى الوعي الطبي والمجتمعي قد ساهم في رصد هذه الحالات مبكرًا، إلا أن بعض المتخصصين يطرحون تساؤلات حول دقة التشخيص وإمكانية المبالغة في بعض الحالات.
ما هي حساسية الألبان؟
هي استجابة مناعية غير طبيعية يصدرها الجسم عند التعرض لبروتينات حليب الأبقار، إذ يعتبرها الجهاز المناعي مواد ضارة. ومن أبرز أعراضها: القيء، المغص، الإسهال، الطفح الجلدي، وفي بعض الحالات، صعوبة في التنفس أو تورم في مناطق مختلفة من الجسم.
“أطفالي الثلاثة خضعوا للتشخيص ذاته”
إيمان مصطفى (34 عامًا)، وهي أم لثلاثة أطفال، تروي تجربتها قائلة:
“تم تشخيص طفلي الأكبر بحساسية الألبان بعد أشهر من ولادته، وذلك بسبب معاناته من مغص وبكاء مستمر. ولكن الطبيب حينها لم يطلب إجراء تحاليل، واعتمد فقط على الأعراض. وبعد مرور فترة، اكتشفنا أن ما كان يعانيه لم يكن حساسية بل مجرد اضطراب في الهضم.”
وأضافت: “بالنسبة لطفليَّ الآخرين، كنت أكثر حرصًا، وطلبت من الطبيب إجراء تحاليل دم قبل اتخاذ أي قرار بتغيير الحليب الصناعي أو الامتناع عن منتجات الألبان.”
تشخيص غير دقيق قد يؤدي إلى قرارات خاطئة
يؤكد الدكتور محمود عادل، استشاري طب الأطفال بمستشفى قصر العيني:
“تصل إلينا العديد من الحالات التي تم تشخيصها على أنها حساسية ألبان، لكن بعد إجراء التحاليل اللازمة، يتبين أن السبب هو مشاكل أخرى مثل العدوى الفيروسية أو سوء امتصاص اللاكتوز.”
ويشدد على أهمية التمييز بين حساسية بروتين الحليب وبين عدم تحمل اللاكتوز، نظرًا لاختلاف طريقة العلاج في كل حالة.
أسباب تزايد حالات الحساسية
يرى المختصون والأهالي أن هذا التزايد يعود إلى عدة عوامل، من أبرزها:
-ارتفاع مستوى الوعي المجتمعي: تقول منى عبد العزيز (28 عامًا)، وهي أم لطفلة مصابة بالحساسية:
“كنت أقرأ كثيرًا عن أعراض الحساسية، وعندما لاحظت ظهور طفح جلدي على ابنتي بعد كل رضعة، طلبت من الطبيب إجراء اختبار حساسية، وكانت النتيجة إيجابية.”
– تغيرات في النظام الغذائي: يشير الدكتور محمود عادل إلى أن “الاعتماد المتزايد على الأطعمة المصنعة، وانخفاض معدلات الرضاعة الطبيعية، قد أدى إلى ضعف المناعة لدى الأطفال.”
– البيئة شديدة التعقيم: يُعتقد أن النظافة المفرطة قد تحد من تعرض الأطفال للبكتيريا الطبيعية، ما يُضعف جهازهم المناعي ويزيد من فرص الإصابة بالحساسية.
كيفية التعامل مع الحالة
يوصي الأطباء والأمهات بعدد من الخطوات الأساسية في حال الاشتباه بحساسية الألبان:
إجراء فحوصات دقيقة قبل تأكيد التشخيص، مثل تحاليل الدم واختبارات الجلد.
تجنّب جميع منتجات الألبان ومشتقاتها.
اللجوء إلى بدائل آمنة مثل حليب الصويا أو الأرز.
الحفاظ على التواصل المستمر مع طبيب مختص في طب الأطفال أو أمراض الحساسية.
وتختم إيمان مصطفى نصيحتها قائلة:
“ينبغي عدم التسرع في اتخاذ قرارات تتعلق بتغيير النظام الغذائي للطفل دون إجراء فحوصات دقيقة، فهناك فرق كبير بين الحساسية الحقيقية والمشكلات المؤقتة التي قد تواجه الأطفال في الشهور الأولى.”