سوبر ماما

الطفولة بلا شاشات… الأطفال يحتاجون إلى بيئة آمنة للتجربة، وليست مستحيلة

كتبت: انعام ناصر، مروة ناصر
“ماما، أنا زهقان!”، عبارة تتردد في كل بيت تقريبًا، وأيضًا من الأمهات يأتي الرد سريعًا:
“طب شغلي له كارتون!”، أو “خليه شوية على الموبايل!”
لكن ندى، وهي أم لطفل يبلغ من العمر 6 سنوات، قررت منذ اللحظة الأولى أن تسلك طريقًا مختلفًا:
“سيكبر دون شاشات!”

“قرار صعب في عالم رقمي”
تروي ندى تجربتها قائلة:
“منذ حملي، كنت أفكر كيف أربي طفلي. كنت مدركة أن القرار لن يكون سهلاً، فنحن نعيش في عصر رقمي، حيث كل شيء متاح عبر الهواتف.”
“كنت مؤمنة أن الطفولة الحقيقية تعني الاستكشاف واللعب الحقيقي، وليس مجرد النظر في شاشة.”
“في العامين الأولين، لم يكن بحاجة إلى شيء سوى حنان الأم وأمانها. كنت أتركه يكتشف العالم من حوله، يلمس بيديه، يطرق المعلم، يتفاعل بتعبيرات وجهه… وأنا أغني له.”
“لكن مع تقدم العمر، بدأ الأطفال من حوله يظهرون، وبدأت الصعوبات الحقيقية.”

“بدائل واقعية بدلًا من المنع القاطع”
تقول ندى إنها لم تعتمد على المنع القاطع، بل اختارت تقديم بدائل ممتعة.
“عندما كان صغيرًا، كنت أجهز له صندوقًا مائيًا، كرات ملونة، أوراقًا وألوانًا، كتبًا مصورة، موسيقى للأطفال… لم أكن أقول فقط لا، بل كنت أقدم شيئًا آخر أكثر إثارة له.”
“عندما بدأ الذهاب إلى الحضانة، لاحظت أن معظم زملائه يملكون أجهزة. ويوتيوب كان حاضرًا.”
“لجأت إلى أسلوب مختلف: كنت أقول له إن لدينا قواعد في البيت، وكنت أحرص على إشراكه في أنشطة تبعده عن الانشغال بالشاشة طوال اليوم.”

“اليوم، ابني يبلغ من العمر 6 سنوات، ولديه مهارات اجتماعية.”
“يمارس اللعب والتفاعل مع الأطفال دون الحاجة إلى الشاشة. عندما أجد الأطفال حوله منشغلين بالهواتف، أُدرك الفرق.”
“يخترع ألعابًا جديدة تسمح له بالتفاعل بدلًا من الجلوس أمام الشاشات.”
ندى تؤكد أن القرار لم يكن سهلاً، خصوصًا مع اقتناعات الأهل والأصدقاء.
“كنت أسمع تعليقات مثل: هل تحرمين طفلك؟ لكن الآن أرى الفرق بعيني، وأشعر أن تعبي لم يذهب سدى.”

وجهة نظر تربوية: إعداد نفسي وتربية إيجابية
مع د. خالد محمود – أخصائي تربية وتقنية
“تربية الأطفال ليست مهمة مدرجة في قائمة مهام، بل هي رحلة تبدأ بالتوجيه بالرحمة والشفقة.”
“دورنا كآباء وأمهات ليس إصدار الأحكام على أبنائنا، بل مرافقتهم ليروا، ويجربوا، ويتعلموا، ويصححوا، ويدركوا الأمور بأنفسهم.”
“التربية الإيجابية لا تعتمد على سؤال: هل أنجزت المطلوب؟ بل على: كيف أساعدك على التعلم والفهم؟”
“الأطفال يحتاجون إلى بيئة آمنة للتجربة، لا ضغط فيها من الخوف من الفشل، بل مساحة للسعي والتطور.”
“فالتربية ليست سباقًا نحو النتائج، بل عملية مستمرة.”
“التربية الإيجابية تُظهر أهمية الدور التربوي، لأنها ليست عملية عشوائية، بل تترك أثرًا كبيرًا في نفوس الأطفال.”
“فإما أن تنجح وتُنتج مجتمعًا سليمًا، أو تدمر نفسيات وتؤذي مجتمعات، بسبب أخطاء في التربية.”

الطفولة بلا شاشات ليست مستحيلة
وتختم ندى برسالة لكل أم:
“إبعاد الأطفال عن الشاشات قد يبدو أمرًا صعبًا، لكنه ليس مستحيلاً.”
“الأمر يتطلب صبرًا، وتقديم بدائل ممتعة، ومواجهة التحديات.”
“الطفل الذي لا يعتمد على التكنولوجيا ليكون سعيدًا، هو طفل يملك القدرة على الإبداع، والاستمتاع بالعالم الحقيقي من حوله.”
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى