احتواء

الطفل العنيف… حين تتحوّل الطاقة إلى عنف بدلًا من مهارة

كتب عبد الرحمن صلاح

 

يولد الطفل بطاقة هائلة، سواء من الناحية البيولوجية أو النفسية، وهذه الطاقة تحتاج دائمًا إلى مخرج مناسب ليتمكن من التطور بشكل طبيعي. لكن عندما يشعر الطفل بعدم قدرته على توجيه طاقته نحو أنشطة مفيدة، مثل الجري أو السباحة أو أي نوع من الألعاب، يبدأ في تصريف طاقته من خلال سلوكيات عنيفة. لذا، نلاحظ أن بعض الأطفال يلجأون إلى ضرب أقرانهم أو تدمير ممتلكاتهم، وأحيانًا يصرخون بشكل مستمر. وهذا لا يعني أنهم “أشرار”، بل يعكس عدم قدرتهم على التعبير عن مشاعرهم بطريقة صحيحة.

 

الدكتور محمد مختار، استشاري تعديل سلوك الأطفال، يوضح أن الطفل الذي يظهر سلوكًا عنيفًا غالبًا ما يكون قد تعرض لمواقف عنف، سواء في المنزل أو عبر وسائل الإعلام، أو أنه يعاني من احتياجات عاطفية مثل الحاجة إلى الاحتواء والاهتمام أو حتى مساحة آمنة للتعبير عن نفسه. وفي بعض الأحيان، قد يكون السبب وراء ذلك هو وجود مشكلات مثل فرط الحركة أو تشتت الانتباه، مما يمنع الطفل من تركيز طاقته في اتجاهات مفيدة.

أوضحت الدكتورة أميرة محمد عبد الفتاح، المتخصصة في علم النفس وتعديل السلوك، أن الأطفال الذين يعانون من هذه المشكلات لا يمانعون في ممارسة الرياضة، لكنهم يواجهون صعوبة في الالتزام بقواعدها. نتيجة لذلك، يرفضون المشاركة في الأنشطة الرياضية المختلفة، مما يؤدي إلى سلوك عدواني أثناء التمارين الجماعية. لذا، يحتاج العديد من الأطفال الأكثر عنفًا إلى التدريب على كيفية التحكم في مشاعرهم قبل التعامل مع أي مواقف أخرى.

 

من جانبه، أشار الدكتور وليد خليف، أخصائي العلاج السلوكي، في ملاحظاته حول حالات مشابهة، إلى أن الطفل يجب أن يمر بمرحلة “تفريغ آمن” لمشاعر الغضب قبل أن نطلب منه التصرف بشكل أكثر هدوءًا. بمعنى آخر، بدلاً من منعه من الضرب، ينبغي السماح له بالتعبير عن مشاعره بطرق أخرى، مثل الرسم أو التحدث عن ما يزعجه. بعد ذلك، يمكننا توجيهه نحو رياضات فردية مثل السباحة أو الكاراتيه.

وأضاف وليد ،  أن الرياضات الفردية تعلم الانضباط والسيطرة، وتجعله يفرغ طاقته بشكل إيجابي بدون ضغط أو احتكاك مباشر مع أطفال آخرين في بداية ممارستهم للرياضة.”

ومع ذلك من المهم أن نكون على دراية بأن العلاج لا يكمن في “إسكات” الطفل العنيف، لكن في “سماعه” وفهمه، ومساعدته في التعبير عن نفسه بشكل صحيح، فالعنف لا يكون اختيار الطفل، بل هو نتيجة لعدم وجود من يساعده في الحصول على اختيارات أفضل للتعبير عن مشاعره.

 

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى