أمراض القلب عند الأطفال بين الطفرات الوراثية والتشخيص المبكر: رؤية من قلب التخصص مع د. رانيا حجازي

حاورت: هنا أسامه
كثير من الأهل لا يتخيّلون أن طفلهم قد يُعاني من مشكلة في القلب، خاصة إذا بدا لهم بصحة جيدة في مراحله الأولى. لكن الحقيقة التي تؤكدها الحالات الطبية أن هناك علامات مبكرة قد تمر بشكل غير ملحوظ، لكنها تحمل مؤشراً خطيراً يحتاج إلى انتباه عاجل، فالاكتشاف المبكر لأمراض القلب عند الأطفال يُحدث فرقًا كبيرًا في التشخيص والعلاج، بل وقد يُنقذ حياة كاملة من المعاناة
توضح الدكتورة رانيا حجازي أستاذ طب الأطفال واستشاري قلب الأطفال بكلية طب قصر العيني أن عيوب القلب الخَلقية هي الأكثر شيوعًا بين الأطفال حيث يُولد حوالي 8 من كل 1000 طفل بأحد أنواع هذه العيوب وأكثرها انتشارًا هو ثقوب القلب سواء بين البطينين أو الأذينين إضافة إلى مشكلات في الشريان الرئوي
وعلى عكس ما يعتقده البعض فإن هذه الحالات ليست دومًا وراثية بل في الواقع 90% منها لا تتعلّق بعوامل وراثية وإنما تحدث نتيجة طفرات جينية غير مفهومة الأسباب ومن العوامل التي قد تُسهم في حدوثها كما تشرح دكتورة رانيا، إصابة الأم الحامل ببعض الفيروسات مثل الحصبة الألمانية والتي ثبت ارتباطها بزيادة احتمالات الإصابة بعيوب خلقية في القلب لدى الجنين
الاكتشاف المبكر هو حجر الأساس في نجاح العلاج وقد تبدأ ملاحظة المشكلة حتى قبل الولادة من خلال فحص السونار الذي قد يُظهر بعض العيوب الخلقية ما يتيح التدخل الطبي فور الولادة أما بعد الولادة فعلى الأهل الانتباه لعدد من العلامات مثل ضيق التنفس أو اللهاث أثناء الرضاعة والتعرق المفرط رغم المجهود البسيط وتغير لون الشفاه أو اللسان عند البكاء أو فقدان الوعي المفاجئ أو اضطراب في ضربات القلب مثل التسارع غير المبرر
وفي مراحل الطفولة اللاحقة قد تظهر مؤشرات أخرى مثل التهابات صدرية متكررة أو ضعف واضح في اللياقة البدنية أو شكوى الطفل من التعب السريع وألم القلب أو حتى الإغماء أثناء أو بعد ممارسة الرياضة وهي كلها إشارات لا يجب تجاهلها
رغم ما يبدو من الخطورة إلا أن الرياضة تُعد مفيدة جدًا للقلب بشرط أن تكون رياضة آمنة تُراعي حالة الطفل وتُشرف عليها متابعة طبية دقيقة وتحذر د. رانيا من بعض الرياضات التنافسية التي قد تُبرز العيوب القلبية غير المشخّصة بسبب الضغط البدني والعصبي المصاحب لها ولهذا أصبح من الإلزامي حاليًا في مصر أن يخضع كل طفل فوق سن الثامنة ويريد ممارسة رياضة تنافسية لفحص رسم القلب بشكل دوري لضمان سلامته
ويبقى وعي الأهل وملاحظتهم الدقيقة لأي تغير في سلوك أو مجهود الطفل هو خط الدفاع الأول لحماية قلبه من مشكلات قد تكون صامتة لكنها ذات أثر عمي